ساعة أن كانت تسمعه
فتحت كتابها لتقرأ فيه.. كتاب جديد أهدته لها صديقتها المقربة. كانت ترى على صفحاته صورهن.. في آخر لقاء جمعهن.. كيف كانت وجوههن غاضبة.. الكل يصوب نظره إليها ويكرر عبارة واحدة: (لاتطاوعيه). نهضت إلى حيث مرآتها.. حدقت كثيرا في نفسها.. وتذكرت قول إحداهن: رأس مالك جمالك.. أما هو فيملك أشياء كثيرة.. إنه رجل.. وأنت امرأة.. لقد اختارك لجمالك فحافظي عليه.. حافظي عليه.. كان صدى الكلمات موجعا.. جعل خطواتها متثاقلة.. تمددت على سريرها.. أخرجت أنفاسها وتساءلت: هل تركي لبضع شعرات في حاجبي.. وقصي لأظافري التي إن طالت تؤذيني.. وعنايتي لبشرتي بنفسي. وحرصي على ألا أرتدي ما يضايق جسدي أو يعريه.. سيؤثر على مشاعره تجاهي.. ورغبته في. جال بصرها في أرجاء الحجرة.. عله يجد الجواب.. حتى استقر وكأنما تجمد عند ثوبه المعلق.. حدقت فيه طويلا.. وعادت إلى تلك الذكريات الحلوة ليوم زفافها.. كيف أنه لم يترك قيام الليل حتى وعروسه بين يديه.. كيف كان يبكي وهو يناجي ربه مرددا في خشوع (إلهي أنعمت علي فلا أحصي نعمك.. فلك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.. اغفر لي يامن وسعت رحمته كل شيء.. إلهي.. أسألك ياحي ياقيوم ألا تجعلني ممن فتن بالنعم فنسي المنعم.. ولاممن وجد لذة الدنيا أحب من لذة طاعتك.. إلهي.. لا تحرمني القرب منك.. ولاتشغلني بالدنيا عنك). نهضت حيث تمسح دمعات تحدرت من عينيها.. اتجهت إلى حيث الثوب.. وقفت بجانبه.. أدخلت يدها في جيبه.. فوجدت ماكانت تتوقعه.. أخفته ثم سارت حيث كان جالسا في مكتبه.. وقفت برهة أمامه.. ابتسم لها مرحبا بها.. قالت في هدوء: هل لي بطلب. هز رأسه أن نعم.. اقتربت منه. أريد شيئا يخصك.. أريده أن يكون لي.. ترك ماكان في يده واعتدل في جلوسه مقبلا عليها قائلا: هو لك. أمسكت دمعاتها عن الخروج وقد ضاقت عيناها بها.. ثم أخرجت ماكانت تخفيه، نهض إليها مندهشا والسعادة تغمر روحه: مصحفي.. رجته ألا يرد طلبها فهي تدرك مكانته عنده. قال ممسكا بيديها: إنه رفيقي في سيري إلى ربي.. لا أفارقه ليلا ولانهارا فإن أخذته فبحقه.. وإلا. رفعت رأسها إليه تهزه بقوة: نعم أعدك.