عقلي والقلم...!!
يقول في مرافئه.. بهي أن تنسجم العاطفة والعقل في شراع واحد.. هنا.. تكون الرؤية أكثر تألقا.. والرأي أوفر إحكاما... كلمات تلامس في أعماق الجرح.. أقرؤها فينثال ألمي وألوم نفسي الحالمة التي تسير في العاطفة جبروت العقل..!! منذ وعيت جنون الكتابة وأنا أسيرة صبري..! ما إن أنكفئ على درس من دروسي أو طارئ من مشاغلي حتى ينازعني القلم شجوني يتعودني طائعة مستسلمة..! تغيب لذة البوح في أعماقي صوت العقل، وأنسى الدروس والناس إكراما للورق..!!! لطالما اعتزلت المناسبات لأنادم الحرف.. وأغلقت الكتاب لأسطر خاطرة.. واحتملت (العلقات) الساخنة من معلمتي لأنني أهملت الواجب انشغالا برأي أوفكرة..! كنت أضيق بالخطوط الحمراء التي يفرضها الواقع وأجنح دوما للخيال.. أحب أن أكون شعلة من نشاط دون قيد أو التزام.. أذكر أنني في الصف الخامس تسلمت ورقة امتحان الإنشاء ولم يرق لخيالي موضوعها.. فتآمرت وقلمي على استغفال الجميع..!! بدأت من حيث أرادوا وانتهيت حيث أردت..!! وكانت النتيجة درجة متدنية أثارت ضجة واسعة في محيط عائلتي..! منذ ذلك اليوم نسيت أمر الاستغفال ولم أنس التمرد.. أصبحت أهرب من كل شيء إلى أوراقي.. أتجاهل إلحاح والدي ووالدتي وأوكل أمر الدراسة إلى ذكائي المطمئن فأكتفي بنجاح باهت دون استذكار..!! كان هوس استنطاق الأسطر عندي لايضاهى، مع يقيني أن الكتابة حين تدير رؤوسنا عن الأهم تصبح داء علاجه كسر القلم واعتقال الحرف.. إلا أنني زهوت بدائي..!!! المرة الأولى التي غيب فيها صوت العقل إغراء العاطفة.. كان في أولى عتبات الجامعة حين اخترت التخصص العلمي رغم أنف الكتابة.. وليتني مافعلت..! يومها استأسد عقلي ليضعني بين فكي قسم لايجدي فيه الذكاء دون متابعة واهتمام.. وقلم لايثنيه عن شغبه توسل مستقبل ولاصحوة ضمير.. فكنت الجانية المجني عليها..!! أتجاوز مرحلة وأتعثر أخرى..! وأظل كلما فتحت زميلاتي مذكرات الدرس.. أنكفئ على قصة أو رواية حتى يحاصرني الوقت.. فإذا فتحت مذكراتي ملأت بياضها شعرا وذيلت أوراقها بخواطري..!! ومازلت حتى يومي.. كلما صحوت على عثرة رميت قلمي إلى أبعد مدى عازمة على التحرر من غوايته والتطلع للأمام.. فإذا غمرني الحنين..!.. عدت إليه وإلى أوراقي أجمعها وأرتبها وأتأمل سطورها بإكبار كما يتأمل الصائغ قطع ألماس.. أحسها تحمل دفء أنفاسي ومختصر أيامي.. فينسحب عقلي من هذا التمرد العاطفي ويعود إلى مكمنه.. تاركا لي جنون الحبر..!!!