المراقبة لزيادة الإنتاج .. عنصر تهديد وضغط على الموظفين
راجت في الآونة الأخيرة نشاطات شركات الرقابة على الإنترنت، خاصة بعد أن خلص أحدث مسح أجري في بريطانيا إلى أن 75? من مديري شركات تكنولوجيا المعلومات التي تستخدم الإنترنت يعتقدون أن عمليات مراقبة استخدام الإنترنت أصبحت ضرورية، وربما لا يثير هذا دهشة الكثيرين خاصة مع انتشار المواقع الإباحية أو تلك التي تشجع العنصرية، لكن اهتمام مديري الشركات لا يرجع لأسباب أخلاقية بقدر ما يرجع لرغبتهم في زيادة إنتاجية شركاتهم، فأصحاب الأعمال يشعرون بقلق شديد من الوقت الذي يضيعه الموظفون أثناء دخولهم وزيارتهم لمواقع الإنترنت المختلفة يوميا، والنتيجة أن أعمال الشركات التي تنتج برامج الرقابة على الإنترنت أصبحت في ازدهار. وأكدت سلسلة من الأبحاث أجريت مؤخرا أن مخاوف أصحاب الأعمال حقيقية، فوفقا لشركة ويب سينس التي تنتج برامج الرقابة على الإنترنت فإن معدل التدفق على المواقع الإباحية في أوقات العمل التي تبدأ من التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء تمثل سبعين في المائة من إجمالي نسبة التدفق على تلك المواقع، وستين في المائة على المواقع التجارية التي يتم من خلالها الشراء. وكشفت دراسة منفصلة أن نصف المديرين يقدرون أن موظفيهم يقضون ساعة واحدة على الأقل يوميا على شبكة الإنترنت لأغراض شخصية، بينما يعتقد ثلثا من أجريت عليهم الدراسة أن الموظفين يقضون ساعة أخرى في تبادل رسائل البريد الإلكتروني. وعلى سبيل المثال إذا قضى ألف موظف في شركة متوسطة ساعة يوميا على شبكة الإنترنت فسيكلف هذا الشركة خمسة وثلاثين مليون دولار سنويا. ومن المفارقات أن البحث عن وظائف كان من أكثر النشاطات التي يستخدم الموظفون الإنترنت بسببها. وأكد أكثر من نصف الموظفين إنهم يستخدمون الإنترنت لحجز رحلات وقال 41? إنهم يبحثون عن المواقع التي تضم معلومات عن هواياتهم بينما قال 28? إنهم يزورون المواقع التجارية، و27? لمشاهدة الأحداث الرياضية التي تنقلها الشبكة العالمية، وقال تسعة من كل عشرة موظفين إنهم يدمنون الدخول على شبكة الإنترنت. مصائب قوم ربما تكون تلك المعلومات أنباء غير سارة لأصحاب الشركات والموظفين على السواء، لكن هناك من يعتبرها أنباء سارة، وهم بالطبع الذين يبيعون برامج الرقابة على الإنترنت. وتتوقع شركة البيانات الدولية للأبحاث أن يزيد سوق تلك البرامج بنسبة خمسين في المئة سنويا لتصل أرباحها إلى 636 مليون دولار في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2004. وتقول شركة سيرف كونترول التي زادت مبيعاتها من البرامج الرقابية بنسبة 326? في خلال ثلاثة أشهر، لتحقق أرباحا قدرها 10.5مليون دولار إن هذا السوق لا يزال بكرا. وهناك أكثر من ثلاثين شركة تقدم تكنولوجيا الرقابة على الإنترنت وتتركز غالبيتها في الولايات المتحدة لكنها تسعى لجني مكاسب من السوق الأوروبي خاصة المملكة المتحدة وألمانيا. وتعرض تلك الشركات خدمات مذهلة. فيقول موريارتي من شركة سيرف كونترول إنه بالإمكان وضع قواعد مختلفة لكل موظف يستخدم الإنترنت في شركة يعمل بها عشرة آلاف شخص ، كما يمكن وضع قواعد تسمح بدخول نوع معين من المواقع في يوم محدد ولفترة زمنية محددة. معاملة الأعداء لكن تلك الشركات الرقابية أثارت قلق نقابات العمال وبعض الهيئات المهنية الأخرى، وقالت متحدثة باسم إحدى النقابات العمالية إن أفضل علاقة بين الموظف ومديره هي تلك المبنية على الثقة، فمن غير المرجح أن يخلق الشعور بأن هناك من يراقبك علاقة عمل جيدة مبنية على الرضا والروح المعنوية المرتفعة بين الموظفين. ويقول بيتر سكيت من اتحاد الحرفيين والمهنيين في بريطانيا إن الكثير من المديرين يقولون إن الموظفين هم أرصدتهم الحقيقية، لكنهم يعاملونهم وكأنهم أكبر أعدائهم، مؤكدا أن تلك البرامج تمثل عنصر تهديد وضغط على الموظفين.