وصفات الإنترنت.. هل تنهي عصر خرابيش الأطباء؟!
تحاول بعض الشركات المتعاملة مع وصفات الأطباء وضع الخطط الجدية لإيجاد نظام إلكتروني على الشبكة المعلوماتية يساعدها في تجنب مشكلات عدم وضوح كتابة اليد التي يستخدمها الأطباء في وصف الأدوية، الأمر الذي سيزيد من أرباح تلك الشركات وينهي عصر خرابيش الدجاج! ومن الغريب أن يخفق كثير من الأطباء خريجي كليات الطب سنويا في استخدام القلم والكتابة بشكل واضح. وربما يتصور المرء عندما يشاهد الوصفة الطبية وقد امتلأت بالكتابات غير الواضحة أنها أحجية! يتبين له فيما بعد أنها وصفة تحمل تعليمات لصرف دواء لم يتم التأكد من اسمه أو مضاعفاته وتفاعلاته، الأمر الذي يؤدي إلى العديد من الإصابات وربما الوفاة! سلامة المريض وتفيد تقارير علمية أن الأخطار الناجمة عن الوصفات الطبية المكتوبة بخط اليد غير الواضح قد تنخفض بنسبة 55? إذا ما تحول الأطباء إلى كتابة الوصفات عن طريق الشبكة الإلكترونية، وهو ما يؤدي إلى تحسين احتمالات سلامة المريض وتقليل الوقت المهدور والخسائر التي تترتب على الأطباء والصيادلة ومؤسسات التأمين الصحي. والأهم من ذلك تلافي أخطاء من الممكن تلافيها. علما بأن الشبكة الإلكترونية التي تصل الصيادلة وصيدلياتهم بشركات التأمين موجودة منذ زمن طويل لكنها لم تشمل الأطباء حتى الآن. مشروع تضامني وفي الولايات المتحدة تنوي كبريات الشركات المعنية البدء بمشروع تضامني لحل المشكلة باستثمار جزء من أموالها في إنشاء شبكة تبادل معلومات إلكترونية تمكن الأطباء من إرسال الوصفات الطبية عبرها للصيادلة. أطلق على المشروع اسم (Rx Hub) مع تخصيص جزء من عوائد الاستثمار بالوصفات الطبية لوضع نظام تبادل المعلومات الإلكترونية موضع التنفيذ بينما تتقاضى الشركة المشغلة للنظام دولارا واحدا عن كل عملية استخدام للشبكة، وهو ما يمكنها من استعاضة تكاليف إنشاء الشبكة بحلول عام 2005. ستكون (ركس هب) مفتوحة أمام جميع الأطباء والصيادلة وشركات التأمين وغيرهم. كما سيكون بإمكان الأطباء استخدام هذه الشبكة لكتابة وصفاتهم الواضحة مع إمكانية الشبكة وقدرتها على توفير بيانات عن احتمالات تفاعل هذا الدواء ومضاعفاته. وكذلك موقف شركات التأمين من تغطية تكلفته. كما ستتلقى الصيدليات أوامر صرف أدوية بخط واضح عبر الشبكة. زيادة المبيعات إن الالتزام بالأدوية المسموح بها على لوائح شركات التأمين يعد أهم مكتسبات قيام المشروع التضامني Rx Hub. فشركات تأمين الأدوية ستبيع المزيد من الأدوية المحددة على لوائح التأمين كما تقول إليزابيث بوهيم التي تعمل في مجال التحليل الصحي في مؤسسة فورستر للأبحاث وبذلك تستطيع تحقيق حسومات كبيرة على مبيعات الأدوية من الشركات الصانعة. النظام الجديد (ركس هب) مطالب بإيجاد حل جذري لنظام قديم غير فعال ومطلق في الوقت ذاته. ووفقا للنظام القديم لصرف الأدوية يقوم المريض بزيارة الطبيب ليخرج بدواء جديد بنسبة 4 بين 5 زيارات. وعليه أن يذهب للصيدلية على الأقل مرتين إحداهما لإيداع الوصفة والثانية لإحضار الدواء وبين هاتين الزيارتين يحتاج الصيادلة إلى إجراء مكالمات للاستيضاح عن الوصفة أحيانا وعن الدواء أحيانا أخرى حيث تحتاج 30? من مجموع الوصفات سنويا إلى متابعة عبر مكالمات عديدة مع الطبيب أو شركة التأمين أو شركات مبيعات الأدوية. يقول أحد الأطباء الذين أتيحت لهم فرصة استخدام نظام الوصفات الطبية الإلكترونية إن هذا النظام يوفر الوقت والمال للطبيب لأنه يتمكن من علاج عدد أكبر من المرضى ويتمنى أن يكون النظام الجديد شاملا ومنتظما. عقبات كثيرة لكن عقبات كثيرة تواجه هذا النظام حيث لا تزال السياسات والضوابط التطبيقية لم تكتمل بعد. كما أن هناك عدة أدوية هي الأكثر استخداما مثل أدوية الضغط والمسكنات التي لا تسمح القوانين بصرفها عن طريق الشبكة.. لاحتوائها على مركبات الأدوية المراقبة وكذلك قسم من أدوية الإدمان التي تحتاج إلى تواقيع أصلية من جهات المراقبة. ويتشكك كثيرون من دعاة حماية خصوصية المريض في قدرة النظام الجديد (Rx Hub) على منع تسريب المعلومات والبيانات الخاصة بالمرضى لجهات مختلفة لا صلاحية لها بالاطلاع على هذه البيانات. غير أن هذا النظام يواجه معارضة شديدة من تجار الصيدليات فهم يخشون تأثير التقنية الجديدة على علاقة الطبيب بالمريض، وهو ما يؤدي إلى سحب جزء كبير من التجارة من بين أيديهم لصالح نظام الوصفات الإلكترونية. لقد تضاعفت مبيعات الوصفات الطبية الإلكترونية في الولايات المتحدة عشر مرات على الأقل اعتبارا من عام 2000 حتى الآن، وهو ما يوحي بأن شركات مبيعات الأدوية المؤمنة لا تضيف جديدا لنظام صرف الأدوية لكنها تهدف فقط إلى اقتسام جزء من الأرباح في هذا الحقل رغم ادعائهم العمل على تطوير النظام.. وهناك مخاوف من أن نظام (Rx Hub) قد بدأ يزيد من إيقاعه بالتأثير على مبيعات الأدوية باستخدام الوصفات الإلكترونية. وذلك بإدخال تسهيلات تجعل خيار الوصفات الإلكترونية هو المفضل. ومع أن النظام الجديد لن يقضي على تجار التجزئة بطبيعة الحال، إلا أن هذا القطاع سيتوجب عليه من الآن فصاعدا التقاط نصيبه من فم الأسد كما تقول إليزابيث بوهيم.