كيف تتلاعب بك الشبكات الاجتماعية؟
هل سبق وتحدّثت مع من حولك عن منتج أو خدمة معينة ثم فجأة وجدتها أمامك في إعلانات غوغل أو غافزا في صفحة إلكترونية اعتدت زيارتها؟ هل سبق وتساءلت لماذا تتكرّر مقاطع موضوع معيّن كلما تصفّحت محتوى تطبيق "تيك-توك"؟ هل راودك شعور ما حول طبيعة إعلانات فواصل حسابات "سناب شات"؟ هل تتوقّع أن التغريدات التي تظهر في فواصل تغريدات من تتابعهم أو أن الأسماء المقترحة للمتابعة ظهرت بشكل عفوي؟
هل تعرف الأثر النفسي لكلمات الأمر "follow" وشبيهاتها "like" ونقيضتها "dislike" والعشرات من "أوامر" التفاعل في تطبيقات وصفحات الشبكات الاجتماعية؟ الحقيقة العلمية المؤكدة أن لا شيء يحدث عفوياً على الشاشات الزرقاء التي نقضي معها ساعات طويلة يومياً. هذه الشبكات الضخمة تدير خدماتها آلاف الحواسيب العملاقة المصممة وفق أدق تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تحلل أفعالك وعاداتك وتفضيلاتك بشكل يثير الدهشة. ويتابع تطوير خدمات هذه الشركات العملاقة خبراء التصميم الألمع في مجالاتهم جنباً إلى جنب مع أروع العقول في الهندسة العكسية والتخطيط النفسي لتحليل شخصية "كل مستخدم" من خلال خوارزميات معقّدة تفحص شخصية الفرد وردود أفعاله ومزاجه وآماله وآلامه. وتقول الأبحاث: إن أجهزة الكمبيوتر الرهيبة هذه يمكنها أن تتنبأ بشخصية مستخدم هذه المنصات وتتوقع سلوكه بشكل أدق من أسرته وأقرب أصدقائه.
ويقول الخبراء: إن ما يتم ببساطة هو أنك "في أي وقت تقوم فيه بتسجيل الدخول إلى أي من شبكات وسائل التواصل الاجتماعي "المجانية"، يتم إدخال معلوماتك مع كل "ضغطة" مفتاح وتُرسل وتُخزّن وتُحلّل عبر الكمبيوترات الفائقة على مدار الساعة. ومن أسهل ما تقوم به هذه الخوارزميات هو ربط بياناتك ومقارنتها ببيانات أشخاص آخرين ثم يبدأ التسلّل إلى دماغك من خلال التأثير غير المباشر بالإعلانات أو الأفكار وتوظيف شواهد أشباهك حتى يكتمل تمرير الأفكار إلى "عقلك" ومن ثم التأثير في خياراتك دون أن تشعر بتسلّل هذا التأثير.
وهكذا ووفق تقنيات معقّدة تقوم وسائل التواصل الاجتماعي بجذب انتباهنا وتركيزنا لنقضي الساعات في تصفح محتوى غيرنا وما نضيفه نحن ثم تقوم وفق معادلاتها ببيعنا لشركات الإعلان ومقاولي التأثير. ووفقًا لبعض الإحصائيات فإن تقنيات الجذب هذه نجحت في جعل المراهقين يقضون قرابة 9 ساعات يوميًا على المنصّات الاجتماعية وخطفت الكبار بحيث بات الشخص البالغ يقضي ما يقرب من ساعتين يومياً على هذه المنصات على حساب الأسرة والنشاطات الحياتية.
قال ومضى:
في ضجيج الصمت لا (صوت) يعلو فوق (سوط) الأسئلة..
بقلم/ د. فايز الشهري -الرياض